أهمية حساب المواريث و تقسيم التركة
يُعد حصر التركة من الإجراءات النظامية والشرعية الهامة والضرورية للورثة، حيث أن قسمة التركة مبنية على حصر ما يتركه الميت من مال منقول وغير منقول كما يهدف إلى تحديد أصول المتوفى، وتقييم التركة ، من المقيمين المعتمدين ، ثم معرفة أنصباء الورثة ، ومن ثم يتم توزيع الإرث على الورثة بما يتوافق مع أنصبتهم الشرعية، كما أن حصر الإرث يتيح المعلومة لجميع الورثة وحتى من كان منهم بعيدا عن المورث وأعماله ، ويشعر بالشفافية والأمان بين الورثة ، وفيما يلي سنتحدث عن بعض الجوانب المهمة عن كيفية حصر التركة.
على من تقع مسؤولية حصر الإرث؟
الورثة سواء كانوا من الأبناء أو البنات أو الإخوة والأخوات وغيرهم ، في الغالب يكونون على معرفة بتركة الميت ، وما يملكه من أموال في حال حياته لقربهم منه أو مشاركتهم له في أعماله ، ولذا يسهل حصر التركة في هذه الحال.
أما بخصوص الجهات المختصة في حصر التركة فقد كان في السابق من الأعمال التي تقوم بها المحاكم الشرعية في المملكة بطلب من الورثة أو أحدهم ، فيقوم القاضي بمخاطبة الجهات المعنية للإفصاح عن أملاك الميت، إلا ان الأمر اختلف وأصبح من مهام الورثة وجهدهم وفقاً لما سنورده في هذه المقالة
واجبات يجب مراعاتها قبل حساب المواريث و تقسيم التركة :
ينبغي للورثة القيام بالواجبات المتعلقة بالميت ، خاصة إبراء ذمته من الحقوق المتعلقة بحق الله أو حق الناس ، والمقصود بحقوق الناس ، الديون خاصة ، فهناك أمران يسبقان توزيع التركة هما :
الديون : فينبغي للورثة البدء في حصر ما على الميت من دين أو قرض لغيره ، والتأكد منها و سدادها قبل توزيع التركة ، حيث أن قضاء ما على الميت من دين يسبق قسمة الإرث ، قال الله تعالى في سورة النساء يعد ذكر أنصباء الورثة من الميراث ” من بعد وصية يوصى بها أو دين “
الوصية : وهي ما يعرفها بعض الفقهاء بالتبرع بالمال بعد الموت. والوصية بشيء من الإرث ” التركة ” حق يسبق توزيعها على الورثة ، و لها شروط منها أن لا تتجاوز ثلث التركة ، وأن لا يكون الموصى له من الورثة الذين يرثون الميت ، كما أن إثبات الوصية قد يقع فيه نزاع بين الورثة , وهو ما يتطلب رفع دعوى إثبات وصية ، وإذا أقر جميع الورثة بالوصية فإنها تنفذ في كامل التركة بشروطها ، وأما لو لم تثبت وأقر بها بعض الورثة فإنها تنفذ في نصيب الوارث المقر بها من التركة .
اجراءات حصر التركة :
اولاً : فيما يخص المبالغ النقدية ” الكاش ” : فيكون حصرها بمعرفة الورثة لحسابات مورثهم وما يملكه فيها ، وفي حال كانت هذه المعلومات أو بعضها مجهولة للورثة فيتم مراجعة البنك المركزي السعودي – مؤسسة النقد العربي السعودي سابقا – من قبل الورثة أو أحدهم للاستعلام عن الحسابات المسجلة باسم مورثهم و المبالغ المالية الموجودة فيها. مع العلم أن الاستفسارات والتعاملات البنكية تخضع لكثير من الاحتياط والدقة لدى البنوك.
ويمكن معرفة نصيب كل وارث من التركة النقدية بشكل دقيق عن طريق حاسبة المواريث بالدخول على موقع إنفاذ التابع لمركز الإسناد والتصفية وإدخال جميع البيانات المطلوبة ليتم تقسيم التركة بين الورثة.
ثانيا : فيما يخص الأسهم : فكما ذكرنا سابقا يكون بمعرفة الورثة لما يملكه مورثهم من أسهم في الشركات المساهمة فإن كان الورثة يجهلون أملاك مورثهم من الأسهم فيتم تقديم طلب لهيئة سوق المال للإفصاح عن تركة المتوفي من الأسهم ويكون هذا الاجراء إلكتروني ومن خلاله يتضح للورثة الإرث المتمثل في المحافظ الاستثمارية للمورث ومقدار قيمتها السوقية.
ثالثاً– فيما يخص العقارات: فأول طريق لمعرفة التركة العقارية هو علم الورثة بها ، واحتفاظهم بالصكوك العقارية سواء الورقية أو الإلكترونية ويمكن احتياطا أو إذا كان المورث ممن لا يطلع ورثته على أملاكه ، أو كان متوسعا في بيع وشراء العقارات فيتم مراجعة كتابات العدل للاستعلام عن الأملاك العقارية سواء كانت الصكوك محدثة او غير محدثة وتصدر بها بيان من قبل كتابة العدل . كما يمكنك مراجعة مقالتنا عن قسمة التركة العقارية من هذا الرابط.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض العقارات يسجلها المورث باسم أحد الورثة لأي أمر ما ، ويقر ذلك الوارث بأنها للورثة فتضم لأملاك الورثة دون الحاجة لنقلها بأسمائهم أو اسم المورث .
رابعاً : فيما يخص ملكية الشركات والشراكة فيها: فإن هذا الإجراء يتم الاستعلام فيه عن طريق وزارة التجارة ومعرفة ما يملكه المورث من مؤسسات وشركات وذلك عن طريق السجل المدني للمورث .
خامسا : السيارات والمعدات: فإذا كان المورث له أعمال تتعلق بالمقاولات والنقليات فقد يسجل كثير من السيارات والشاحنات باسمه ، وقد تكون مؤجرة خارج شركته وعمله ، والاستعلام عن طريق الإدارة العامة للمرور يبين كل ما يملكه الميت من تلك السيارات .
ما هي الجهات الحكومية والشركات التي يمكن مراجعتها دون وكالة من جميع الورثة ؟
قد يحتاج الورثة إلى مراجعة العديد من الجهات بعد وفاة المورث ، إما لحصر التركة ، أو لتجهيز توزيع الإرث ، أو أي إجراءات أخرى تتعلق في المورث ، وقد يظن البعض من الورثة بأنه لا بد من اتفاق جميع الورثة على ذلك ، وإصدارهم وكالة لأحدهم ، ومع أن إصدار الوكالة لأحد الورثة فيه سهولة ويسر ، وسيحتاجه الورثة في المستقبل إلا أن بعض الإجراءات والمراجعات لا تتطلب ذلك ، ويكفي فيها مراجعة من أحد الورثة مثل : الاطلاع على الحسابات المصرفية والبنكية باسم المورث ، واستخراج وثيقة ورثة متوفى ” صك حصر ورثة ” الاطلاع على الحسابات الاستثمارية ، بيانات من الأحوال المدنية للمورث ، الاستعلام عن صكوك العقارات وطلب نسخة منها لدى وزارة العدل ، تحديث تلك الصكوك ، الاستعلام عن السجلات التجارية للمورث لدى وزارة التجارة.
ما هي إجراءات حساب المواريث و تقسيم التركة في حال وجود قاصر؟
القاصر محدود الإرادة ولا تنفذ تصرفاته بنفسه، ولذا لا بد من إقامة ولي عليه، ويكون ذلك بدعوى إنهائية ترفع لمحكمة الأحوال الشخصية لاستخراج صك ولاية على قاصر، ويكون الولي نائبا عن القاصر في التصرفات ، ولا ينفرد الولي بالتصرف عن القاصر في توزيع التركة وتسليمه نصيبه ، بل هناك إجراءات لا بد فيها من الرفع للمحكمة لأخذ إذن القاضي في البيع للقاصر أو الشراء له ، وحتى تمليكه شيء من عقارات المورث وهو ما يسمى بالتخارج في التركة .
وعلى ضوء ما سبق بيانه نؤكد على الشروط المطلوبة لتقديم طلبات الاستعلام عن تركة المتوفي والتي لابد من توفرها حين البدء بحصر الإرث .
المستندات اللازمة لطلب الاستعلام عن التركة
1- شهادة الوفاة .
2- صك حصر ورثة ويسمى الآن وثيقة ورثة متوفى.
3- وكالة من الورثة للوكلاء، وإذا كان المستعلم أحد الورثة فيكتفى بشهادة الوفاة وصك حصر الورثة.
4- توفير رقم الحفيظة للمتوفي وذلك للاستعلام عن الأملاك العقارية الغير محدثة.
من يتولى قسمة التركة و توزيع الورث ؟
إذا لم يكن بين الورثة خلاف ولا نزاع حول التركة ، وليس فيهم قاصر ، ويرغبون في توزيع التركة بينهم بالتراضي ، سواء كان بيعا أو تخارجا ، فيعد هذا من أيسر الطرق لقسمة التركات ، ويسمى قسمة تركة بالتراضي ، وقد نصت المادة الثالثة من لائحة قسمة الأموال المشتركة أن للشركاء كاملي الأهلية أن يقتسموا المال المشترك بالطريقة التي يتفقون عليها بما لا يخالف الشريعة والأنظمة ثم يقدم الاتفاق للجهة المختصة لتوثيقه. ويتولى هذه القسمة الورثة بأنفسهم , والأفضل الاستعانة بالمحامي أو المستشار الشرعي والقانوني لمعرفة نصيب كل وراث ، ومن ثم تقييم أملاك الميت ، وتوزيعها بين الورثة باختيارهم ورضاهم صلحا، وشركات المحاماة والاستشارات القانونية تقوم بمثل هذه الأعمال باحترافية عالية ، وذلك بالكتابة والتعاون مع المقيمين العقارين ، ومعرفة متوسط قيمة العقار ، وإعطاء الورثة أكثر من خيار ومقترح لقسمة العقارات والتركة بينهم ، ومن ثم عقد صلح موقع بين الورثة لتوزيع التركة وتعويض الأطراف في أنصبتهم الناقصة أو تحملهم ما يزيد عن نصيبهم للورثة الآخرين ، ويراجع الورثة لأجل قسمة التركة العقارية بينهم بالتراضي كتابة العدل كما نصت على ذلك لائحة قسمة الأموال المشتركة في المادة الرابعة والأربعون : بعد تصفية المال المشترك من الديون والوصايا ونحو ذلك، يتولى المصفي قسمته بين الشركاء بالتراضي، بما لا يخالف الشريعة والأنظمة، ويُصدق الاتفاق من الدائرة، وتتولى جهات التوثيق من كتابات العدل وغيرها نقل الملكيات حسب الاختصاص.
وأما إذا كان هناك نزاع بين الورثة فترفع دعوى لدى محكمة الأحوال الشخصية تسمى ” قسمة إجبار ” أو “قسمة تركة بالإجبار” وغالبا ما تكون ببيع العقارات والمنقولات وهو ما يسمى ب ” تسييل التركة ” أي جعل التركة سيولة نقدية لتقسم بعد ذلك بين الورثة بحسب نصيب كل وارث .
ما يختص به القاصر في توزيع التركة :
إذا كان من بين الورثة قاصر سواء كان قاصر سنا أو عقلا ، فلأجل الاحتياط لحقه والعناية به ، لا ينفذ أي تصرف له أو عليه إلا بإذن القاضي ، فإذا أراد الورثة تمليك القاصر شيئا من العقارات فترفع دعوى باسم ” إذن التصرف بأملاك القاصر أو المفقود ” وذلك ليأذن القاضي بنفاذ هذا التصرف بعد أن يتأكد من حصول الغبطة والمصلحة له .
وأما المبالغ النقدية التي تكون من نصيب القاصر فتتولى حفظها الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم ، وذلك في حساب خاص باسم القاصر لدى الهيئة ، ويقوم الولي بفتح حساب بنكي باسم القاصر ، تودع فيه الهيئة النفقة الشهرية المناسبة للقاصر ، وللهيئة نظام خاص يحسن بمن يتولى الولاية على القاصر الاطلاع عليه وهو على هذا الرابط.
وفي النهاية، يُعد حصر التركة في المملكة إجراءً هامًا لضمان توزيع التركة بشكل عادل بين الورثة، ويجب عليهم الاستعانة بمحامٍ لاستكمال الاجراءات الدقيقة مع الجهات المختصة، ومعرفة ما يعد مال مقوما وما لا يعد كذلك ، إذ أن بعض الحقوق لها قيمة مالية كبيرة قد تكون غير محسوسة كالعلامات التجارية وحقوق الملكية الفكرية إلخ .
والمستشار الشرعي والقانوني والمحامي يقوم بتوزيع التركة وفقاً للأحكام الشرعية والنظامية ،مستمدا تلك الأحكام من القرآن والسنة وما صح عن الصحابة والسلف رضي الله عنهم ..وتكون قسمة التركة بعد ذلك بالتراضي بين الورثة والتخارج أو بقسمة الإجبار عن طريق رفع الدعوى في محكمة الأحوال الشخصية .
وفي حال رغبتكم باستشارة احد محامينا في شركة عبد الاله العمار للمحاماة و الاستشارات القانونية، تواصل معنا عن طريق ايقونة الواتس اب، أو بتعبئة البيانات ليتسنى لنا التواصل معكم وتزويدكم بما تحتاجون.
