من آخر المراحل في مطالبتك لحقك وحشد الأدلة والسعي لكسب الحكم لصالحك ، هو التوجه إلى المحكمة العليا و تقديم لائحة نقض.
وللعلم ، فإن كل مرحلة من مراحل التقاضي لها طبيعتها وظروفها ، بل والموضوعات التي تختص بنظرها ، فالموفق من عرف لكل مرحلة ما الذي عليه أن يقدمه فيها ليصل إلى مراده وهدفه .
هي المحكمة ذات الدرجة الأعلى بين المحاكم، محكمة الدرجة الثالثة، وهي التي لها السلطة على تغيير الحكم الشكلي والموضوعي للمحكمتين الابتدائية و الاستئناف ، ولذا فإنه لا توجد محكمة عليا إلا واحدة على قمة هرم التنظيم القضائي في المملكة ومقرها في العاصمة الرياض.
فمن ناحية التشكيل المحكمة العليا تتكون من رئيس يعين بأمر ملكي، وأما أعضاؤها فيشترط النظام أن يكونوا على درجة رئيس محكمة استئناف ويتم تعيينهم أيضاً بأمر ملكي بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى، ومن أهم أهداف المحكمة -فضلا عن الفصل في طلبات النقض- أنها تراقب سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة التي سنها ولي الأمر، وهي كذلك توجه نظر السلطة التنظيمية في حال وجود قصور في بعض النصوص النظامية بهدف تحقيق المصلحة العامة، وذلك لأن المحكمة العليا هي من الجهات اللي تصلها نتائج وآثار النصوص النظامية اللي تتعلق بالقضايا المنظورة في القضاء العام، فهي تراقب آثار تلك الأنظمة في المجتمع والقضاء.
اختصاصات المحكمة العليا؟
ليكن في الحسبان أن المحكمة العليا ليست محكمة فصل في الخصومة، لكنها الجهة التي تستقبل أي شكاوى ضد المحكمة اللي أصدرت الحكم المطعون فيه، فهي تحاكم الحكم (من الناحية النظامية وليس من الناحية الموضوعية)، فلا تنظر في الوقائع والأسانيد وحجج الأطراف إلا في حالة واحدة وهي في قضايا الحدود: “القتل أو القطع أو الرجم أو القصاص في النفس أو فيما دون النفس” ونظرها في هذه القضايا وجوبي وليس جوازي، ومعنى ذلك أنه لو يقم أحد بالاعتراض بالنقض لدى المحكمة العليا فإنه لابد أن تقوم المحكمة بتدقيقها قبل التنفيذ، وتصادق المحكمة عليه أو تعيده للاستئناف بملاحظات أو تنقضه.
ما هي الأحكام التي تصدر من المحكمة العليا؟
إذا رفع أحد الخصوم اعتراضه بطلب نقضه من المحكمة العليا فإن أحكامها تكون على عدة أشكال كالتالي:
- تأييد الحكم الصادر من محكمة الاستئناف .
- نقض الحكم الصادر من محكمة الاستئناف كله أو بعضه، وإذا نقضت المحكمة العليا الحكم فترجّع الحكم لمحكمة الاستئناف لكن تنظرها دائرة أخرى غير الدائرة السابقة، ويترتب على نقض الحكم إلغاء كل الإجراءات والقرارات اللي بنيت على الحكم المنقوض
كيف تكتب لائحة نقض نظامية وناجحة؟
أولا: نصت المادة 193 من نظام المرافعات الشرعية على أربعة أمور متى ما كانت موجودة في حكم الاستئناف فيحق لك تتقدم بطلب النقض أمام المحكمة العليا هي:
- إذا كان الحكم فيه مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها.
- إذا صدر الحكم من محكمة غير مشكّلة تشكيلا سليما طبقًا لما نص عليه نظاما
- إذا صدر الحكم من محكمة أو دائرة غير مختصة.
- – إذا كان فيه خطأ في تكييف الواقعة أو تم وصفها وصفًا غير سليم.
فإذا لم يكن في الحكم حالة من هذه الحالات الأربع فبداية وتوفيرا على نفسك لا تكتب لائحة اعتراضية.
وقد يسأل سائل : كيف أعرف إذا كانت هذه الحالات الأربع تنطبق على حكم الاستئناف الصادر أم لا ؟ فنقول إذا كان عندك المؤهلات النقدية الكافية من ناحية العلم الشرعي والنظامي والذي يؤهلك لتقارن وتميز بين الأحكام فإنه يمكنك معرفة ذلك ، مع التنبيه على أنه وبدون مبالغة أن بعض الأحكام قد تكون فيها واحدة من هذه الإشكالات ولكن تغيب عن بعض المحامين فضلاً عن غيرهم، وهذا شيء طبيعي، والسبب هو أنها غابت عن أربعة إلى ستة قضاة، في المحكمة الابتدائية والاستئناف، ولا يمكن أن يتعمدون الحكم بالخطأ وهم يجتهدون في الصواب، لكنهم مع ذلك قد يخطئون وتنقض المحكمة حكمهم، فإذا كانت بعض هذه الحالات قد تغيب عن هذا العدد من القضاة فما ظنك ببعض المحامين ؟! وغيرهم من باب أولى.
إذن هي أمور تحليلية، وأسس تجمع ما بين المعلومة وفهمها ووضعها في مكانها الصحيح، وهذا ما يميز بعض المحامين بعضهم على بعض .لأن المنطق يقول حكم المحكمة الابتدائية ومصادقة الاستئناف كيف يمكن لي أن اكتشف خطأ هؤلاء ! ومن المحال أن المحكمة العليا تصادق على اعتراضي و تنقض الحكم، لكن هذا المنظور المستقبلي الذي يبين لصاحبه مالات الأمور لا يكون إلا عند فئة معينة من المحامين ممن مارس ودرس وسعى لتطوير نفسه بشكل مستمر.
الجوانب الفنية لكتابة لائحة النقض:
كل كلمة، وكل حرف محسوب ضمن أدق الحسابات في كتابة اللوائح الاعتراضية أمام المحكمة العليا، وذلك لأنك محكوم بأربع أسباب، وواحدة منها فقط كافية تماماً للنقض، إذا عرفت أنها موجودة في الحكم الذي ستعترض عليه، فعليك أن تستعد للكتابة، وتبدأ بما يلي:
- القراءة المتعمقة لكامل القضية، والتركيز على التسبيبات والمستندات الشرعية والنظامية التي بنى الحكم أسبابه عليها، ثم تحدد موضع النقض بالضبط وإذا كان هذا الموضع ينقض كامل الحكم أو بعضه
- مسودة خارجية تكتب فيها وتبحث كافة الاحتمالات والأسباب، لأن الاعتراض بالنقض مرة وحده، إذا فاتت فليس لك فرصة أخرى لطلب الاعتراض بالنقض ، ولذا فمن الخطأ أن يقوم الشخص بكتابة اعتراضه بالنقض مباشره دون دراسة ومراجعة .
- البحث في أهم متعلقات الأسباب، وتحديد المستندات المؤيدة للاعتراض: فبعد وقوعك على موضع الخطأ الذي يصدق عليه نقض الحكم ؛ بين مناط ووجه اعتبار هذا الموضع خطأ يوجب النقض وهل خالف نصًا شرعيًا أو نظاميًا، ثم اذكر التصرف واذكر النص الذي تمت مخالفته فمثلا : هل موضوع الدعوى يخالف اختصاص المحكمة التي حكمت فيه ؟ فاذكر الاختصاص ومستنده من النظام ومن طبيعة الوقائع التي حدثت بينك وبين خصمك.
- هل التكييف والوصف للواقعة خطأ؟ مثلاً دعوى قتل خطأ كُيفت بأنها قتل عمد، أو دعوى اختلاس كُيفت بأنها قرض ..إلخ من الأوصاف التي لها حقيقة من الواقع والأوراق ومع ذلك كيفتها المحكمة تكييفًا يختلف عن حقيقتها، فهنا تذكر التكييف الخطأ وتكتب التكييف الصحيح مع ما يثبته من المستندات التي لديك أو من وقائع الحال.
- مرحلة الصياغة النهائية، و لابد أن تكون دقيقة جداً ومختصرة جداً، الأسباب واضحة وظاهرة، ولا يحتاج أن تذكر أو تكرر شيئا قلته من قبل بتفاصيله، نعم لا تكرر ما مضى وذلك لأن الملف للقضية يذهب بالكامل للمحكمة العليا وهم يرجعون إليه إذا رأوا الحاجة لذلك. و التكرار يجعل قارئ اللائحة يمل ويسري في خلده أنه لديك إضافة مؤثرة على ما إيراده وحكم على إثره، ولذا لا بد أن تكون صياغتك محكمة و بناؤك سليم ومتسق من المحكمة الابتدائية إلى العليا، وفي المحكمة العليا تقدم مذكرة كأنها إشارة تقول ثلاث أشياء فقط هذا موضع الخطأ من النظام والصحيح كذا نظاما مع الدليل؛ فمذكرات الاعتراض التي تكتب للمحكمة العليا حتى في القضايا الشائكة لا تتجاوز الصفحتين غالبا .
- المراجعة : فلا تستعجل في إرسال اللائحة، بل أبقها لديك فترة من الزمن تنظر فيها أكثر من مرة هل فيها شيء يحتاج إلى حذف أو اختصار، أو يحتاج إلى زيادة ومزيد توضيح، وهل الكلام الذي كتبته صحيح أم لا ، هل وُفقت في العبارات وترى أنها واضحة وجليّة ولائقة بطلب النقض، راجع كل ما كتبته وتأمله بشكل كامل واعلم أنها الصياغة النهائية والفرصة الأخيرة للنقض ولذلك اعتن بها عناية خاصة ، وراجع النقض مرارا، وتذكرت أنك إذا بذلت السبب واجتهدت في الكتابة فإن التوفيق بيد الله عز وجل فاعتمد عليه سبحانه كامل الاعتماد، وثق بعد الله على مكانة وعلم قضاة المحكمة العليا وأنهم في حال كان الاعتراض بالنقض وجيه وموصل فسيحكمون بنقض حكم الاستئناف بإذن الله تعالى.
قبل ان تبدأ بكتابة لائحة نقض، انتبه لهذه الأمور
- لابد أن يكون اعتراضك على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف، وليس على حكم المحكمة الابتدائية ، ولذا فإن اعتراضك بالنقض على صك حكم محكمة الاستئناف .
- لابد من الالتزام بالميعاد النظامي للاعتراض وهو ثلاثون يوما ، أو خمسة عشر يوما للقضايا المستعجلة
- إذا فات موعد الاعتراض سقط حقك بالنقض.
- المحكمة العليا ليس فيها حضور وليس فيها مرافعة .
- المحكمة العليا لا تخوض في الوقائع، فقط تفصل في طلب الاعتراض بالنقض من ناحية الشكل والموضوع استناداً على موضوع القضية وما فيها من مستندات
- الاعتراض بالنقض لا يوقف تنفيذ الحكم، فالحكم يكون قابل للتنفيذ متى ما صدر من محكمة الاستئناف، إلا في حالات خاصة يقوم فيها طالب النقض بطلب إيقاف التنفيذ، وللمحكمة العليا الموافقة على الطلب أو رفضه.
مواد نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية الخاصة بالنقض:
المادة الثالثة والتسعون بعد المائة
الفصل الثالث
النقض
للمحكوم عليه الاعتراض بطلب النقض أمام المحكمة العليا على الأحكام والقرارات التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف متى كان محل الاعتراض على الحكم ما يلي:
١– مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها.
٢– صدور الحكم من محكمة غير مشكّلة تشكيلا سليما طبقًا لما نص عليه نظاما.
٣– صدور الحكم من محكمة أو دائرة غير مختصة.
٤– الخطأ في تكييف الواقعة أو وصفها وصفًا غير سليم.
المادة الرابعة والتسعون بعد المائة
مدة الاعتراض بطلب النقض ثلاثون يومًا، ويستثنى من ذلك الأحكام الصادرة في المسائل المستعجلة فتكون خمسة عشر يومًا، فإذا لم يودع المعترض اعتراضه خلال هاتين المدتين سقط حقه في طلب النقض.
المادة الخامسة والتسعون بعد المائة
١– يحصل الاعتراض بطلب النقض، بمذكرة تودع لدى إدارة محكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم أو أيدته، ويجب أن تشتمل مذكرة الاعتراض على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم، وعنوان كل منهم، وبيان الحكم المعترض عليه، ورقمه، وتاريخه، والأسباب التي بني عليه الاعتراض، وطلبات المعترض وتوقيعه، وتاريخ إيداع مذكرة الاعتراض.
٢– تقيد إدارة محكمة الاستئناف مذكرة الاعتراض في يوم إيداعها في السجل الخاص بذلك، وترفعها مع صورة ضبط القضية وجميع الأوراق إلى المحكمة العليا خلال مدة لا تزيد على ثلاثة أيام من تاريخ انتهاء مدة الاعتراض.
اللائحة:
١٩٥/١– يجب أن يرافق مذكرة الاعتراض الآتي:
١– صورة من الوثيقة التي تثبت صفة ممثل المعترض.
٢– صورة من الحكم المعترض عليه، وصورة من حكم محكمة الدرجة الأولى.
٣– المستندات التي تؤيد الاعتراض، وللمحكمة طلب ملف القضية أو ما تحتاجه منها عند الاقتضاء.
[أضيفت هذه الفقرة بموجب القرار الوزاري رقم (٥٠٦٢) وتاريخ ٧/٩/١٤٤٠هـ]
المادة السادسة والتسعون بعد المائة
لا يترتب على الاعتراض لدى المحكمة العليا وقف تنفيذ الحكم، ما لم ينص النظام على خلاف ذلك، وللمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم مؤقتا إذا طلب ذلك في مذكرة الاعتراض وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه، ولها عندما تأمر بوقف التنفيذ أن توجب تقديم ضمانٍ، أو كفيل غارم مليءٍ، أو تأمر بما تراه كفيلًا بحفظ حق المعترض عليه.
المادة السابعة والتسعون بعد المائة
تنظر المحكمة العليا الشروط الشكلية في الاعتراض، المتعلقة بالبيانات المنصوص عليها في الفقرة (١) من المادة (الخامسة والتسعين بعد المائة) من هذا النظام، وما إذا كان صادرًا ممن له حق طلب النقض، ثم تقرر قبول الاعتراض أو عدم قبوله شكلًا، فإذا كان الاعتراض غير مقبول من حيث الشكل، فتصدر قرارًا مستقلًا بذلك.
المادة الثامنة والتسعون بعد المائة
إذا قبلت المحكمة العليا الاعتراض شكلًا، فتفصل في موضوع الاعتراض استنادًا إلى ما في الملف من الأوراق، دون أن تتناول وقائع القضية، فإن لم تقتنع بالأسباب التي بني عليها الاعتراض أيدت الحكم، وإلا نقضت الحكم كله أو بعضه –بحسب الحال- مع ذكر المستند، وتعيد القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتحكم فيها من جديد من غير من نظرها، فإن كان النقض للمرة الثانية –وكان الموضوع بحالته صالحًا للحكم- وجب عليها أن تحكم في الموضوع، ويكون حكمها نهائيًا.
اللائحة:
١٩٨/١ إذا أعيدت القضية –بعد نقضها- إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، ولم يكن فيها سوى من حكم فيها، فيكلف رئيس المجلس الأعلى للقضاء من ينظرها في المحكمة نفسها.
المادة التاسعة والتسعون بعد المائة
لا يجوز التمسك أمام المحكمة العليا بسبب لم يرد في مذكرة الاعتراض، ما لم يكن السبب متعلقًا بالنظام العام، فتأخذ به المحكمة من تلقاء نفسها.
ومتى ما كان قد حكم عليك في قضية مالية أو حقوقية أو جنائية ، وأن ترى أن الحكم ليس في صالحك وأنه مخالف للواقع ، ويلحقك بذلك الحكم مضرة كبيرة ، فنحن في شركة عبدالإله العمار وشركاؤه نقوم بصياغة الاعتراض بالنقض ورفعه للمحكمة العليا عن طريق فريقنا المحترف من المحامين والمستشارين في كافة التخصصات القضائية .